قال ابن تيمية رحمه الله: ( إن اللغة العربية من الدين، ومعرفتها فرض واجب، لأن فهم الكتاب والسنة فرض، ولا يفهم إلا بالعربية، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ).
مقاطع اليويتوب النقي الجديدة  

الجمعة، 20 أغسطس 2010


أفضل اللطائف مما قيل في الكنافة والقطائف 
Image
خالد أحمد/ إسلام أون لاين
ليس هناك من طعـام ولا شراب اقترن اسمه بشهر رمضان أكثر من الكنـافة والقطـائف، على مر مئات السنين، ولذا وجدنا الحديـث عنهما حيا وحاضـرا في الأدب والشعر العربي على مر العصور، حتى أن الإمام جلال الدين السيـوطي كتب رسالة مهمة في الكنـافة والقطائف، سماها "منهل اللطائف في الكنافة والقطايف"، فضلا عن سباق الشعوب والبلدان حول من كان له قصب السبـق في اختراعها والوصـول إليها قبل غيره، وكان من أهـم هذا السجالات التاريخية، ما يحدث دوما بين المصريين والشوام.
فالشوام يقولون إن صانعي الحلويات في الشام هم من اخترعوا الكنافة، وابتكروها وقدموها خصيصًا إلى معاوية بن أبي سفيان هي والقطائف، حينما كان والياً على الشام، وقيل إن معاوية كان أول من صنع الكنافة من العرب، حتى أن اسمها ارتبط به فقالوا "كنافة معاوية" و"زينة موائد الملوك"، فقد كان يحب الأكل، فشكا إلى طبيبه ما يلقاه من جوع في الصيام، فوصف له الطبيب الكنافة التي كان يتناولها في فترة السحور حتى تمنع عنه الجوع في نهار شهر رمضان.
لكن هذه الروايات تصدى لها الأستاذ محمد سيد كيـلاني، المحقق البارز في الأدب والتاريخ في أربعينات وخمسينيات القرن الماضي، في دراسة بديعة بعنوان "شهر الكنـافة والقطائف" نشرها في مجلة الرسالة الشهيرة في عددها رقم 888 في عام 1950، قال فيها: "لفظ الكنافة لم يذكره أحد من أئمة اللغة، ولا نجد في الألفـاظ اللغوية ما يصلح أن يكون مادة لها، فلعلها كلمة يونانية، وروى السيوطي عن ابن فضل الله العمري صاحب (مسالك الإبصار) أنه قال: "كان معاوية يجوع في رمضان جوعا شديدا فشكا ذلك إلى محمد بن آثال الطبيب فاتخذ له الكنافة فكان يأكلها في السحر فهو أول من اتخذها"
وأضاف كيلاني بأن "هذا الخبر يشك في صحته، وذلك لأن المؤرخين المتقدمين لم يشيروا إليه، ولم يذكر لنا ابن فضل الله المصدر الذي نقل عنه، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن الكنافة ليست الطعام الوحيد الذي يدفع به الجوع، هى ليست علاجا حتى يصفه الطبيب بن آثال، وكان من الممكن أن يقوم الرقاق مقامها ويسد مسدها، فما رواه بن فضل في هذا يجب أن يوضع موضع الشك".
واعتبر أنه "لو عرفت الكنافة منذ عصر معاوية لذكرها الشعراء فيما ذكروا من أطعمة، فقد رأينا الشعراء حتى العصر العباسي الثاني يذكرون القطائف وغيرها من الأطعمة، ولم نر في شعرهم أثرا للكنافة، وهذا دليل واضح على أنهم لم يروها أو يسمعوا بها".
هيام الشعراء بالكنافة
ويؤكد سيد كيلاني في دراسته  أنه "لاحظ أن الشعراء المصريين كانوا أول من ذكر الكنافة في أشعارهم، وأول من تغنى بها، ومن بين هذا أبو الحسن الجزار المصري إذ يقول:
سقى الله أكناف الكنافة بالقطر     وجاد وليها سكر دائم الدر
وتبا لأوقات المخلل إنها           تمر بلا نفع وتحسب من عمري
وأوضح الكيلاني أننا "نلحظ من البيتين السابقين نفسية الشاعر "متبرمة ساخطة على أوقات الفقر والضيق التي لا يأكل فيها سوى المخلل، وفي ذكره كلمة "تبا" ما يدل على حالة نفسية خاصة. أما البيت الأول فهو دعاء للكنافة بسقيا بماء الورد والسكر، نستشف منه الجوع والحرمان.
وكان الشعراء يتغزلون في الكنـافة ويصفون محاسنها وجمالها، ويتمنون دوام وصالها، ويتألمون لهجرها وفراقها، ويشكون صدها وإعراضها، ومثال ذلك قول الجزار المتقدم:
ومالي أرى وجه الكنافة مُغضباً.. ولولا رضاها لم أرد رمضانها
عجبت لها من رقة كيف أظهرت.. عليّ قد صد عني جناحها
تُرى اتهمتنى بالقطايف فاغتدت..  تصُدُ اعتقاداً أن قلبي خانهــا
ومُذ قاطعتني ما سمعت كلامها..  لأن لسانى لم يُخاطب لسانهـا
فالشاعر هنا يصور افتقاره إلى هذا الصنف من الأطعمة في صورة مضحكة، فقد صور الكنافة وهى معرضة عنه ثم تساءل عن السر في هذه القطيعة، وذلك الإعراض أكان ذلك لأنها اتهمته بحب القطائف والجرى ورائها فاعتبرته خائنا لها مجردا من الوفاء، ويذكر أنه على عهده في حبه وإخلاصه لها. وهذا شاعر آخر يذكر ليالي الكنافة في عمره بالخير فيقول:
ولم أنس ليلات الكنافة قطرها   هو الحلو إلا أنه الحب الغر
تجود بها كفي فاهتز فرحة     كما انتفض العصفور بلله القطر

مقارنة بين الكنافة والقطائف
الطريف أن هناك من وازن بين الكنافة والقطائف، وفضل الأولى عن الأخيرة، ومنهم من أظهر الكنافة بمظهر الساخر من القطائف المحتقر لها، ومثال ذلك قول ابن حنين:
 غدت الكنافة بالقطائف تسخر..  وتقول إني بالفضيلة أجدر
طويت محاسنها لنشر محاسني..  كم بين من يطوى وآخر ينشر
لحلاوتي تبدو، وتلك خفية..     وكذا الحلاوة في البوادي أشهر

أصل القطائف
بعض المؤرخين يرجع أصل تسمية القطائف بهذا الاسم "لتشابه ملمسها مع ملمس قماش القطيفة (المخمل)، وقيل أيضا إنه عندما قدمت إبان العصر المملوكي اتخذت هذا الاسم، وذلك حين قدمت كفطيرة محشوة ليقطـفها الضيوف فلقبت فطيرة القطف، ثم تحول الاسم عن طريق دخول العامية فتحولت إلى "قطايف".
لكن سيد كيلاني اعتبر أنها "عرفت منذ العصر العباسي، وجاء ذكرها في شعر ابن الرومي وغيره، ومنهم من شبهها بحقاق من العـاج، ومنهم من شبهها وقد رصت في الأطباق بالمصلين الذين يسجدون وراء الإمام، وفي هذا قال الشاعر:
لله در قطائف محشوة.. من فستق دعت النواظر واليدا
شبهتها لما بدت في صحنها.. بحقاق عاج قد حشين زبرجدا
وقال شاعر آخر أيضا في القطايف:
أقـول وقـد جـاء الغـلاء بصحنـه.. عقيب طعام الفطر يـا غايـة المنـى
بحقك قل لي جـاء صحـن قطائـف.. وبح باسم من أهوى ودعني من الكنى 

هناك 3 تعليقات:

الـسـارب يقول...

العرب ما خلوا شيء، على رأي الشاعر عبدالرحمن رفيع!

أبجد هوز حطي كلمن يقول...

مرحبا بالسارب
أنارت حروفك صفحتي
مادمت متابعا للشعر ستكون رسالتي القادمة قصيدة, أتمنى أن تنال رضاك.

الـسـارب يقول...

جزاكم الله خيرا على هذا التقريظ الذي لا نستحقه. بانتظار المزيد من جعبتكم.

كان يحيى بن خالد يقول لولده: اكتبوا أحسن ما تسمعون، واحفظوا أحسن ما تكتبون، وتحدّثوا بأحسن ما تحفظون.







المشاركات الشائعة